فصل: باب ما كان يدعى به صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد **


 كتاب علامات النبوة

 باب في كرامة أصله صلى الله عليه وسلم‏.‏

13819- عن ابن عباس ‏{‏وتقلبك في الساجدين‏}‏ قال‏:‏ مِن صُلب نبي إلى نبي حتى صرت نبياً‏.‏

رواه البزار ورجاله ثقات‏.‏

13820- وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن جعفر بن محمد بن علي، صحح له الحاكم في المستدرك وقد تكلم فيه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

13821- وعن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏ما ولدني من سفاح الجاهلية شيء، وما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام‏"‏‏.‏

رواه الطبراني عن المديني عن أبي الحويرث، ولم أعرف المديني ولا شيخه، وبقية رجاله وثقوا‏.‏

13822- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إن الله تعالى قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏أصحاب اليمين‏}‏{‏وأصحاب الشمال‏}‏ فأنا من أصحاب اليمين وأنا من خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً فذلك قوله‏:‏ ‏{‏أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون‏}‏ فأنا من خير السابقين، ثم جعل البيوت قبائل فجعلني في خيرها قبيلة فذلك قوله‏:‏ ‏{‏شعوباً وقبائل‏}‏ فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله عز وجل ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله‏:‏ ‏{‏إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً‏}‏‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وعباية بن ربعي وكلاهما ضعيف‏.‏

13823- وعن عبد الله بن عمر قال‏:‏ إنا لقعود بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت امرأة، فقال رجل من القوم‏:‏ هذه ابنة محمد‏.‏ فقال رجل من القوم‏:‏ إن مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن‏.‏ فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب، ثم قام على القوم فقال‏:‏

‏"‏ما بال أقوال تبلغني عن أقوام‏؟‏ إن الله عز وجل خلق السماوات سبعاً

فاختار العليا منها فسكنها، وأسكن سماواته من شاء من خلقه، ‏[‏وخلق الأرض سبعاً فاختار العليا منها فأسكنها من شاء من خلقه‏]‏ وخلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الكبير والأوسط، إلا أنه قال‏:‏ ‏"‏فمن أحب العرب فلحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فلبغضي أبغضهم‏"‏‏.‏

وفيه حماد بن واقد وهو ضعيف يعتبر به، وبقية رجاله وثقوا‏.‏

13824- وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال‏:‏ أتى ناس من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ إنا نسمع من قومك حتى يقول القائل منهم‏:‏ إنما مثل محمد نخلة نبتت في الكبا - قال حسين‏:‏ الكبا‏:‏ الكناسة - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أيها الناس، من أنا‏؟‏‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ أنت رسول الله‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فما سمعناه ينتمي قبلها ‏"‏إلا أن الله عز وجل خلق خلقه ثم فرقهم فرقتين فجعلني في خير الفريقين، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، فأنا خيرهم بيتاً وخيرهم نفساً‏"‏‏.‏ صلى الله عليه وسلم‏.‏

قلت‏:‏ روى له الترمذي حديثاً غير هذا‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13825- وعن عبد الله بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏مثلي ومثل أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في مزبلة‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وهو منكر، والظاهر أنه من قول الزبير، إن صح عنه، فإن فيه ابن لهيعة ومن لم أعرفه‏.‏

13826- وعن ابن الزبير أن قريشاً قالت‏:‏ إن مثل محمد صلى الله عليه وسلم مثل نخلة في كبوة‏.‏

رواه البزار بإسناد حسن وهذا الظن به‏.‏

13827- وعن ابن عباس قال‏:‏ توفي ابن لصفية، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت عليه وصاحت، فأتاها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها‏:‏ ‏"‏يا عمة، ما يبكيك‏؟‏‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ توفي ابني‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏يا عمة، من توفي له ولد في الإسلام فصبر بنى الله له بيتاً في الجنة‏"‏‏.‏ فسكتت‏.‏ ثم خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال‏:‏ يا صفية، قد سمعت صراخك، إن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تغني عنك من الله شيئاً‏.‏ فبكت فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يكرمها ويحبها فقال‏:‏ ‏"‏يا عمة، أتبكين وقد قلت لك ما قلت‏؟‏‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ ليس ذاك أبكاني يا رسول الله، استقبلني عمر بن الخطاب فقال‏:‏ إن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تغني عنك من الله شيئاً‏.‏ قال‏:‏ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ ‏"‏يا بلال، هجر بالصلاة‏"‏‏.‏ فهجر بلال بالصلاة، فصعد المنبر النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ ‏"‏ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع‏؟‏ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فإنها موصولة في الدنيا والآخرة‏"‏‏.‏ فقال عمر‏:‏ فتزوجت أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أحببت أن يكون لي منه سبب ونسب‏.‏

ثم خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررت على نفر من قريش فإذا هم يتفاخرون ويذكرون أمر الجاهلية، فقلت‏:‏ منا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فقالوا‏:‏ إن الشجرة لتنبت في الكبا‏.‏ قال‏:‏ فمررت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال‏:‏ ‏"‏يا بلال، هجر بالصلاة‏"‏‏.‏ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ ‏"‏يا أيها الناس، من أنا‏؟‏‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ أنت رسول الله‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏انسبوني‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏أجل، أنا محمد بن عبد الله، وأنا رسول الله، فما بال أقوام يبتذلون أصلي‏؟‏ فوالله لأنا أفضلهم أصلاً وخيرهم موضعاً‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فلما سمعت الأنصار بذلك قالت‏:‏ قوموا فخذوا السلاح، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أغضب‏.‏ قال‏:‏ فأخذوا السلاح ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم لا ترى منهم إلا الحدق، حتى أحاطوا بالناس فجعلوهم في مثل الحرة، حتى تضايقت بهم أبواب المساجد والسكك، ثم قاموا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا رسول الله، لا تأمرنا بأحد إلا أبرنا عترته‏.‏ فلما رأى النفر من قريش ذلك، قاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذروا وتنصلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الناس دثار والأنصار شعار‏"‏‏.‏ فأثنى عليهم وقال خيراً‏.‏

رواه البزار، وفيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وهو متروك‏.‏

13828- وعن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إن الله حين خلق الخلق بعث جبريل فقسم الناس قسمين، فقسم العرب قسماً وقسم العجم قسماً، وكانت خيرة الله في العرب، ثم قسم العرب قسمين، فقسم اليمن قسماً وقسم مضر قسماً وقريشاً قسماً، وكانت خيرة الله في قريش، ثم أخرجني من خير من أنا منه‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه‏.‏

13829- وعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام قال‏:‏

‏"‏قلبت مشارق الأرض ومغاربها، فلم أر رجلاً أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم، ولم أر بيتاً أفضل من بيت بني هاشم‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف‏.‏

13830- وعن خريم بن أوس بن جارية بن لام قال‏:‏ كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له العباس بن عبد المطلب رحمه الله‏:‏ يا رسول الله، إني أريد أن أمدحك‏.‏ فقال له صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏هات، لا يفضض الله فاك‏"‏‏.‏ فأنشأ يقول‏:‏

من قبلهـا طبتَ في الظلال وفي * مستودع حيث يخصف الورق

ثم هبطـتَ البـلادَ لا بشـرٌ * أنت ولا مضغـة ولا علـق

بل نطفة تركب السـفين وقـد * ألجم نسـراً وأهلـه الغـرق

تنقـل من صـالب إلى رحـم * إذا مضـى عـالمٌ بداْ طبق

حتى احتوى بيتـك المهيمنُ من * خندف عليـاءَ تحتهـا النطق

وأنت لمـا ولدت أشـرقت الأ * رض ‏[‏الأرض‏]‏ وضـاءتْ بنوركَ الأفق

فنحن في ذلك الضياء وفي الن ـ * ـور ‏[‏النور‏]‏ وسـبل الرشـادِ نخترق

رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم‏.‏

13831- وعن ميمون قال‏:‏ سألت زيد بن أرقم‏:‏ ما كان اسم أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏[‏آمنة بنت وهب‏]‏‏.‏

رواه الطبراني، وهذا مما لا يحتاج إلى إسناد‏.‏

13832- وعن أبي أمامة الباهلي قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏لما بلغ معد بن عدنان أربعين رجلاً، وقعوا في عسكر موسى فانتهبوه، فدعا عليهم موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يا رب، هؤلاء ولد معد قد أغاروا على عسكري

فأوحى الله عز وجل إليه‏:‏ يا موسى بن عمران، لا تدع عليهم فإن منهم النبي الأمي النذير البشير يجيء، ومنهم الأمة المرحومة، أمة محمد الذين يرضون من الله باليسير من الرزق ويرضى الله عنهم بالقليل من العمل، فيدخلهم الله الجنة بقول لا إله إلا الله، نبيهم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب المتواضع في هيئته المجتمع له اللب في سكوته، ينطق بالحكمة ويستعمل الحلم، أخرجته من خير جيل من أمته قريشاً، ثم أخرجته ‏[‏من هاشم‏]‏ صفوة من قريش، فهم خير من خير إلى خير يصير، وهو وأمته إلى خير يصيرون‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيه حسن بن فرقد وهو ضعيف‏.‏

13833- وعن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، أنا أعرب العرب ولدت ف بنيي قريش ونسبنا في بني سعد بن بكر، فأنى يأتيني اللحن‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيهم مبشر بن عبيد وهو متروك‏.‏

13834- وعن الجفشيس الكندي قال‏:‏ جاء قوم من كندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ أنت منا‏.‏ وادّعوه فقال‏:‏ ‏"‏لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا، نحن ولد النضر بن كنانة‏"‏‏.‏

13835- وفي رواية عن الجفشيش قال‏:‏ قلت للنبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فذكر نحوه‏.‏

رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه‏.‏

13836- وعن سيابة بن عاصم السلمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين‏:‏ ‏"‏أنا ابن العواتك‏"‏‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13837- وعن رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم - وكانت لدة عبد المطلب - قالت‏:‏ تتابعت على قريش سنون أمحلت الضرع وأدقت العظم، فبينا أنا راقدة الهم أو مهمومة إذا هاتف يصرخ بصوت صحل ‏(‏خشن‏)‏ يقول‏:‏ يا معشر قريش، إن هذا النبي المبعوث قد أظلتكم أيامه، وهذا إبان نجومه، فيحيهلا بالحيا والخصب، ألا فانظروا رجلاً منكم وسيطاً عظاماً جساماً أبيض بضاً، أوطف، أهدب، سهل الخدين، أشم العرنين، له فخر يكظم عليه، وسنة يهدي إليه، فليخلص هو وولده وليهبط إليه من كل بطن رجل، فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب وليستلموا الركن، ثم ليرقوا أبا قبيس، ثم ليدعو الرجل وليؤمن القوم فغثتم ما شئتم‏.‏ فأصبحت - علم الله - اقشعر جلدي ووله عقلي، واقتصصت الرؤيا، وفشت في شعاب مكة، فوالحرمة والحرم، ما بقي بها أبطحي إلا قال‏:‏ هذا شيبة الحمد‏.‏ وتناهت إليه رجالات قريش، وهبط إليه من كل بطن رجل، فشنوا ومسوا واستلموا ثم ارتقوا أبا قبيس واصطفوا حوله، ما يبلغ سعيهم مهله، حتى استووا بذروة الجبل، قام عبد المطلب ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، غلام أيفع أو كرب، فرفع يده وقال‏:‏ اللهم ساد الخلة، وكاشف الكربة، أنت عالم معلِّم غير معلَّم ومسؤول غير مبخل، وهذه عبداؤك وإماؤك بعد راتب حرمك، يشتكون إليك سنيهم، أذهبت الخلف والظلف، اللهم فأمطرن

علينا غيثاً مغدقاً مربعاً‏.‏ فورب الكعبة ما راحوا حتى تفجرت السماء بمائها، واكتظ الوادي بثجيجه، فسمعت شيخان قريش وجلتها عبد الله بن جدعان، وحرب بن أمية، وهشام بن المغيرة، يقولون لعبد المطلب‏:‏ هنيئاً لك أبا البطحاء‏.‏ وفي ذلك تقول رقيقة بنت أبي صيفي‏:‏

بشـيبة الحمد أسقى الله بلدتنا * وقد فقدنـا الحيا واجلوذ المطر

فجـاد بالـماء جوني له سبل * سحا فعاشت به الأنعام والشجر

منـا منَ اللهِ بالميمونِ طـائره * وخير من بشرتْ يوماً به مضر

مبارك الأمر يستسقى الغمام به * ما في الأنام له عدلٌ ولا خطر

رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم‏.‏

 باب ما جاء في مولده ورضاعه وشرح صدره صلى الله عليه وسلم‏.‏

13838- عن ابن عباس قال‏:‏ ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين‏.‏

فذكر الحديث وقد تقدم في العلم في باب التاريخ‏.‏

رواه أحمد والطبراني‏.‏

13839- وعن عثمان بن أبي العاص قال‏:‏ أخبرتني أمي قالت‏:‏ شهدت آمنة لما ولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ضربها المخاض نظرت إلى النجوم تنزل، حتى إني أقول‏:‏ لتقعن علي‏.‏ فلما ولدت خرج لها نور أضاء له البيت الذي نحن فيه والدار، فما شيء أنظر إليه إلا نور‏.‏

رواه الطبراني، وفيه عبد العزيز بن عمران وهو متروك‏.‏

13840- وعن حليمة بنت الحارث، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، السعدية التي أرضعته قالت‏:‏

خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أتان لي قمراء ‏(‏شديدة البيضاء‏)‏ قد أذمت ‏(‏انقطع سيرها‏)‏ فزاحمت بالركب‏.‏ قالت‏:‏ وخرجنا في سنة شهباء لم تُبق لنا شيئاً، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى‏.‏ قالت‏:‏ ومعنا شارف ‏(‏الناقة المسنة‏)‏ لنا، والله إنْ تَبِضُّ ‏(‏تسيل قليلاً قليلاً‏)‏ علينا بقطرة من لبن، ومعي صبي لي إن ننام ليلتنا مع بكائه، ما في ثديي ما يعتبه، وما في شارفنا من لبن نغذوه إلا أنا نرجو‏.‏ فلما قدمنا مكة لم يبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه، وإنما كنا نرجو كرامة رضاعه من والد المولود، وكان يتيماً، فكنا نقول‏:‏ ما عسى أن تصنع أمه‏؟‏ حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبياً، غيري، وكرهت أن أرجع ولم آخذ شيئاً وقد أخذ صواحبي، فقلت لزوجي‏:‏ والله لأرجعن إلى ذلك فلآخذنه‏.‏ قالت‏:‏ فأتيته فأخذته فرجعته إلى رحلي، فقال زوجي‏:‏ قد أخذتيه‏؟‏ فقلت‏:‏ نعم والله ذاك أني لم أجد غيره‏.‏ فقال‏:‏ قد أصبت، فعسى الله أن يجعل فيه خيراً‏.‏ فقالت‏:‏ والله ما هو إلا أن جعلته في حجري قالت‏:‏ فأقبل عليه ثديي بما شاء من اللبن، قالت‏:‏ فشرب حتى روي وشرب أخوه - تعني ابنها - حتى روي، وقام زوجي إلى شارفنا من الليل فإذا هي حافل ‏(‏مليئة الضروع باللبن‏)‏ فحلبت لنا ما سنَّننا، فشرب حتى روي

قالت‏:‏ وشربت حتى رويت، فبتنا ليلتنا تلك بخير، شباعاً رواءً، وقد نام صبينا، قالت‏:‏ يقول أبوه - يعني زوجها - ‏:‏ والله يا حليمة ما أراك إلا أصبت نعمة مباركة، قد نام صبينا وروي‏.‏ قالت‏:‏ ثم خرجنا فوالله لخرجت أتاني أمام الركب قد قطعته حتى ما يبلغونها، حتى أنهم ليقولون‏:‏ ويحك يا بنت الحارث، كفي علينا، أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها‏؟‏ فأقول‏:‏ بلى والله وهي قدامنا‏.‏ حتى قدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر، فقدمنا على أجدب أرض الله، فوالذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا، ويسرح راعي غنمي فتروح غنمي بطاناً لبناً حفلاً، وتروح أغنامهم جياعاً هالكة ما بها من لبن‏.‏ قالت‏:‏ فشربنا ما شئنا من لبن وما في الحاضر أحد يحلب قطرة ولا يجدها، فيقولون لرعاتهم‏:‏ ويلكم ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة‏؟‏ فيسرحون في الشعب الذي يسرح فيه راعينا، وتروح أغنامهم جياعاً ما بها من لبن وتروح غنمي حفّلاً لبّناً‏.‏ قالت‏:‏ وكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في شهر، ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة، فبلغ ستاً وهو غلام جفر‏.‏ قالت‏:‏ فقدمنا أمه فقلنا لها، وقال لها أبوه ردوا علينا ابني فلنرجع به فإنا نخشى عليه وباء مكة‏.‏ قالت‏:‏ ونحن أضن بشأنه لما رأينا من بركته قالت‏:‏ فلم نزل بها حتى قالت‏:‏ ارجعا به‏.‏ فرجعنا به فمكث عندنا شهرين‏.‏

قالت‏:‏ فبينا هو يلعب وأخوه يوماً خلف البيوت، يرعيان بهما لنا إذ جاءنا أخوه يشتد، فقال لي ولأبيه‏:‏ أدركا أخي القرشي، قد جاءه رجلان فأضجعاه فشقا بطنه، فخرجنا نحوه نشتد، فانتهينا إليه وهو قائم منتقع لونه، فاعتنقه أبوه واعتنقته، ثم قلنا‏:‏ مالك أي بني‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أتاني رجلان عليهما ثياب بياض فأضجعاني ثم شقا بطني، فوالله ما أدري ما صنعا‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ فاحتملناه فرجعنا به، قالت‏:‏ يقول أبوه‏:‏ والله يا حليمة، ما أرى هذا الغلام إلا قد أُصيب، فانطلقي فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف عليه‏.‏ قالت‏:‏ فرجعنا به إليها فقالت‏:‏ ما ردكما وقد كنتما حريصين عليه‏؟‏ قالت‏:‏ فقلت‏:‏ لا والله إنا كفلناه وأدينا الحق الذي يجب علينا فيه‏.‏ ثم تخوفت الأحداث عليه، فقلت‏:‏ يكون في أهله، قالت‏:‏ فقالت أمه‏:‏ والله ما ذاك بكما، فأخبراني خبركما وخبره‏.‏ قالت‏:‏ فوالله ما زالت بنا حتى أخبرناها خبره، قالت‏:‏ فتخوفتما عليه‏؟‏ كلا والله، إن لابني هذا لشأناً، ألا أخبركما عنه‏؟‏ إني حملت به فلم أر حملاً قط كان أخف ولا أعظم بركة منه، ثم رأيت نوراً كأنه شهاب خرج من حين وضعته، أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى، ثم وضعته، فما وقع كما تقع الصبيان، وقع واضعاً يده بالأرض رافعاً رأسه إلى السماء، دعاه والحقا بشأنكما‏.‏

رواه أبو يعلى والطبراني بنحوه، إلا أنه قال‏:‏ حدثتني حليمة بنت أبي ذؤيب، ورجالهما ثقات‏.‏

 باب في أول أمره وشرح صدره أيضاً صلى الله عليه وسلم‏.‏

13841- عن عتبة بن عبد أنه حدثهم أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ كيف كان أول شأنك يا رسول الله‏؟‏ فقال‏:‏

‏"‏كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زاداً فقلت‏:‏ يا أخي اذهب فائتنا بزاد من عند أمنا‏.‏ فانطلق أخي ومكثت عند البهم، فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ أهو هو‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فأقبلا يبتدراني، فأخذاني فبطحاني إلى القفا، فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ ائتني بماء ثلج‏.‏ فغسلا به جوفي، ثم قال‏:‏ ائتني بماء برد‏.‏ فغسلا به قلبي، ثم قال‏:‏ ائتني بالسكينة‏.‏ فذارها في قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه‏:‏ حصه فحصه وختم عليه بخاتم النبوة‏"‏‏.‏ - وفي رواية‏:‏ ‏"‏واختم عليه بخاتم النبوة - قال أحدهما لصاحبه‏:‏ اجعله في كفة واجعل ألفاً من أمته في كفة‏.‏ فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي أشفق أن يخر علي بعضهم، فقال‏:‏ لو أن أمته وزنت به لمال بهم‏.‏ فانطلقا وتركاني قد فرقت فرقاً شديداً، ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت، فأشفقت علي أن يكون اُلبس بي، فقالت‏:‏ أعيذك بالله‏.‏ فرحلت بعيراً لها فجعلتني - أو فحملتني - على الرحل وركبت خلفي، حتى بلغنا إلى أمي، فقالت‏:‏ أديت أمانتي وذمتي‏.‏ فحدثتها بالذي لقيت فلم يرعها ذلك، قالت‏:‏ إني رأيت خرج مني نور أضاءت له قصور الشام‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني، ولم يسق المتن، وإسناد أحمد حسن‏.‏

13842- وعن أبي أمامة قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ما كان بدء أول أمرك‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام‏"‏‏.‏

رواه أحمد، وإسناده حسن وله شواهد تقويه‏.‏ ورواه الطبراني‏.‏

13843- وعن أبي بن كعب، أن أبا هريرة كان حريصاً على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره، فقال‏:‏ يا رسول الله، ما أول ما رأيت من أمر النبوة‏؟‏ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً وقال‏:‏

‏"‏لقد سألت أبا هريرة، إني لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا برجل يقول لرجل‏:‏ أهو هو‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إلي يمشيان، حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي، لا أجد لأخذهما مساً، فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ أضجعه‏.‏ فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ افلق صدره‏.‏ فهوى أحدهما إلى صدري ففلقها فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له‏:‏ أخرج الغل والحسد‏.‏ فأخرج شيئاً كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها، فقال له‏:‏ أدخل الرحمة والرأفة‏.‏ فإذا مثل الذي أخرج شبيه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال‏:‏ اغدُ واسلم‏.‏ فرجعت بها أغدو بها رقة على الصغير ورحمة على الكبير‏"‏‏.‏

رواه عبد الله، ورجاله ثقات وثقهم ابن حبان‏.‏

13844- وعن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أن جبريل عليه السلام أخرج حشوة في طست من ذهب، فغسلها ثم كساها حكمة ونوراً وحكمة وعلماً‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ في الصحيح بعضه‏.‏

رواه الطبراني، وفيه رشدين بن سعد وضعفه الجمهور‏.‏

 باب قدم نبوته صلى الله عليه وسلم

13845- عن العرباض بن سارية قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك‏:‏ أنا دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين يرين‏"‏‏.‏

13846- وفي رواية‏:‏ ‏"‏وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نواراً أضاءت منه قصور الشام‏"‏‏.‏

13847- وفي رواية‏:‏ ‏"‏وبشارة عيسى قومه‏"‏‏.‏

رواه أحمد بأسانيد، والبزار، والطبراني بنحوه وقال‏:‏ ‏"‏سأحدثكم تأويل ذلك‏:‏ دعوة إبراهيم، دعا‏:‏ وابعث فيهم رسولاً منهم‏.‏ وبشارة عيسى بن مريم قوله‏:‏ ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد‏.‏ ورؤيا أمي التي رأت في منامها، أنها وضعت نوراً أضاءت منه قصور الشام‏"‏‏.‏ وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح، غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان‏.‏

13848- وعن ميسرة الفجر قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، متى كتبت نبياً‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏وآدم بين الروح والجسد‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13849- وعن عبد الله بن شقيق، عن رجل، قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، متى جعلت نبياً‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏وآدم بين الروح والجسد‏"‏‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13850- وعن ابن عباس قال‏:‏ قيل‏:‏ يا رسول الله، متى كتبت نبياً‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏وآدم بين الروح والجسد‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، والبزار، وفيه جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف‏.‏

13851- وعن أبي مريم قال‏:‏ أقبل أعرابي حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خلق من الناس فقال‏:‏ ألا تعطيني شيئاً أتعلمه وأحمله وينفعني ولا يضرك‏؟‏ فقال الناس‏:‏ مه، اجلس‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏دعوه، فإنما يسأل الرجل ليعلم‏"‏‏.‏ فأفرجوا له حتى جلس فقال‏:‏ أي شيء كان من نبوتك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أخذ الله الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم‏"‏‏.‏ ثم تلا‏:‏ ‏"‏‏{‏وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً‏}‏ وبشرى المسيح عيسى بن مريم، ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام‏"‏‏.‏ فقال الأعرابي‏:‏ هاه‏.‏ وأدنى منه رأسه، وكان في سمعه شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ووراء ذلك‏"‏‏.‏

رواه الطبراني ورجاله وثقوا‏.‏

 باب ختانه صلى الله عليه وسلم

13851- عن أنس بن مالك قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏من كرامتي على ربي عز وجل أن ولدت مختوناً ولم ير أحد سوأتي‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه سفيان بن الفزاري وهو متهم به‏.‏

13852- وعن أبي بكرة أن جبريل عليه السلام ختن النبي صلى الله عليه وسلم حين طهر قلبه‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد الرحمن بن عيينة وسلمة بن محارب ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات‏.‏

 باب

13854- عن كندير بن سعد عن أبيه قال‏:‏ حججت في الجاهلية، فإذا رجل يطوف بالبيت وهو يرتجز يقول‏:‏

رب رُدَّ ‏[‏علي‏]‏ راكبي محمدا * رده لي واصطنع عندي يدا

قلت‏:‏ من هذا تعني‏؟‏ قال‏:‏ عبد المطلب بن هاشم، ذهبت إبل له فأرسل ابن ابنه في طلبتها، فاحتبس عليه ولم يرسله في حاجة قط إلا جاء بها‏.‏ قال‏:‏ فما برحت حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم وجاء بالإبل، فقال‏:‏ يا بني، لقد حزنت عليك هذه المرة حزناً لا يفارقني أبداً‏.‏

رواه أبو يعلى والطبراني وإسناده حسن‏.‏

13855- وعن عمار قال‏:‏ كان أبو طالب يصنع الطعام لأهل مكة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل لم يحبس حتى يأخذ شيئاً فيضعه تحته، فقال أبو طالب‏:‏ إن ابن أخي ليحس بكرامة‏.‏

رواه الطبراني، وفيه عمرو بن جميع وهو كذاب‏.‏

 أبواب في عصمته صلى الله عليه وسلم

 باب عصمته صلى الله عليه وسلم من القرين

13856- عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏ما منكم من أحد إلا وقد وُكل به قرينه من الشياطين‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ وأنت يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم، ولكن الله أعانني عليه فأسلم‏"‏‏.‏

رواه أحمد، والطبراني، والبزار، ورجاله رجال الصحيح غير قابوس بن أبي ظبيان وقد وثق على ضعفه‏.‏

13857- وعن المغيرة بن شعبة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏ما من أحد إلا جعل معه قرين من الجن‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ ولا أنت‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ولا أنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيه أبو حماد المفضل بن صدقة وهو ضعيف‏.‏

13858- وعن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏فضلت على الأنبياء بخصلتين‏:‏ كان شيطاني كافراً فأعانني الله عليه حتى أسلم، ونسيت الخصلة الأخرى‏"‏‏.‏

رواه البزار، وفيه إبراهيم بن صرمة وهو ضعيف‏.‏

13859- وعن أسامة بن شريك قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏ما منكم أحد إلا معه شيطان‏"‏‏.‏ قلنا‏:‏ وأنت‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏وأنا، إلا أن الله عز وجل أعانني عليه فأسلم‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، وفيه المفضل بن صالح وهو ضعيف‏.‏

13860- وعن شريك بن طارق قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏ما منكم من أحد إلا له شيطان‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ ولا أنت يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ولا أنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم‏"‏‏.‏

رواه الطبراني والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح‏.‏

 باب عصمته صلى الله عليه وسلم من الباطل

13861- عن عروة بن الزبير قال‏:‏ حدثني جار لخديجة بنت خويلد قال‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لخديجة‏:‏ ‏"‏أي خديجة، والله لا أعبد اللات أبداً، والله لا أعبد العزى أبداً‏"‏‏.‏ قال‏:‏ تقول ‏[‏خديجة‏]‏‏:‏ خل العزى‏.‏

قال‏:‏ وكان صنمهم الذي يعبدون ثم يضطجعون‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13862- وعن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لست من دد، ولا دد مني‏"‏‏.‏

قال أبو محمد يحيى بن محمد بن قيس‏:‏ لست من الباطل، ولا الباطل مني‏.‏

رواه البزار، والطبراني في الأوسط، وفيه يحيى بن محمد بن قيس، وقد وثق، ولكن ذكروا هذا الحديث من منكرات حديثه والله أعلم، وقال الذهبي‏:‏ قد تابعه عليه غيره‏.‏

13863- وعن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏لست من دد، ولا دد مني‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، عن محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، عن محمد بن عبد الوهاب الأزهري ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات‏.‏

13864- وعن علي بن أبي طالب قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏"‏ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك، ثم ما هممت بعدها بشيء حتى أكرمني الله برسالته‏"‏‏.‏

رواه البزار ورجاله ثقات‏.‏

13865- وعن عمار بن ياسر قال‏:‏ سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل أتيت في الجاهلية شيئاً حراماً‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏لا، وقد كنت منه على ميعادين، أما أحدهما فغلبتني عيني، وأما الآخر فحال بيني وبينه سائر قومي‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الثلاثة، وفيه من لم أعرفهم، وقال في الأوسط‏:‏ عن عمار أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل أتيت من النساء حراماً‏؟‏

13866- وعن جابر بن عبد الله قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد مع المشركين مشاهدهم، قال‏:‏ فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه‏:‏ اذهب بنا حتى نقوم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال‏:‏ فقال‏:‏ كيف نقوم خلفه وإنما عهده بإسلام الأصنام قبل‏؟‏ قال‏:‏ فلم يعد بعد ذلك أن يشهد مع المشركين مشاهدهم‏.‏

رواه أبو يعلى، وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل، ولا يحتمل هذا من مثله إلا أن يكون يشهد تلك المشاهد للإنكار وهذا يتجه، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

13867- وعن زيد بن حارثة قال‏:‏ طفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فمسست بعض الأصنام فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تمسها‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فذكر الحديث‏.‏

رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، وهذا يفسر ما تقدم من أن شهوده للإنكار عليهم‏.‏

 باب عصمته صلى الله عليه وسلم ممن أراد قتله

13868- عن جعدة قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى رجلاً سميناً، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه ويقول‏:‏ ‏"‏لو كان هذا في غير هذا لكان خيراً لك‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل فقالوا‏:‏ هذا أراد أن يقتلك‏.‏ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لم ترع، لم ترع، لو أردت ذلك لم يسلطك الله علي‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجاله رجال الصحيح غير أبي إسرائيل الجشمي وهو ثقة‏.‏

13869- وعن سلمة بن الأكوع قال‏:‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء، إذ جاء

رجل على فرس عطوف تتبعها مهرة، فقال‏:‏ من أنت‏؟‏ قال‏:‏ أنا رسول الله‏.‏ قال‏:‏ فمتى الساعة‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏غيب، ولا يعلم الغيب إلا الله‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فمتى يمطر الغيث‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏غيب ولا يعلم الغيب إلا الله‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فما في بطن فرسي‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏غيب ولا يعلم الغيب إلا الله‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فأعطني سيفك هذا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ها‏"‏‏.‏ فأخذه فسله ثم هزه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنك لن تستطيع الذي أردت‏"‏‏.‏ ثم قال‏:‏ إن هذا أقبل ثم قال‏:‏ ائته قاتله ثم أخذ سيفي فاقتله ثم غمد السيف‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13870- وعن قيس بن حبتر قال‏:‏ قالت بنت الحكم‏:‏ قلت لجدي‏:‏ ما رأيت يوماً أعجز ولا أسوأ رأياً في رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم يا بني أمية‏.‏ قال‏:‏ لا تلومينا يا بنيه، إني لا أحدثك إلا ما رأيت بعيني هاتين‏.‏ قلنا‏:‏ والله ما نزال نسمع قريشاً تعلي هذا الصابئ في مسجدنا، تواعدوا له حتى تأخذه، فتواعدنا إليه، فلما رأيناه سمعنا أصواتاً ظننا أنه ما بقي بتهامة خيل إلا تفتت علينا، فما عقلنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله، ثم تواعدنا ليله أخرى، فلما جاء نهضنا إليه فرأيت الصفا والمروة التقتا أحدهما بالأخرى فحالتا بيننا وبينه، فوالله ما نفعنا ذلك‏.‏

رواه الطبراني، ورجاله ثقات غير بنت الحكم فلم أعرفها‏.‏

13871- وعن عباس بن عبد المطلب قال‏:‏ كنت يوماً في المسجد فأقبل أبو جهل فقال‏:‏ إن لله علي إن رأيت محمداً ساجداً أن أطأ على رقبته‏.‏ فخرجت حتى دخلت عليه فأخبرته بقول أبي جهل، فخرج غضبان حتى جاء المسجد فعجل أن يدخل من الباب، فاقتحم الحائط، فقلت‏:‏ هذا يوم شر‏.‏ فأتزرت ثم اتبعته، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ‏:‏ ‏{‏اقرأ باسم ربك الذي خلق

خلق الإنسان من علق‏}‏ فلما بلغ شأن أبي جهل ‏{‏إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى‏}‏ قال إنسان لأبي جهل‏:‏ يا أبا الحكم هذا محمد‏.‏ فقال‏:‏ ألا ترون ما أرى‏؟‏ والله لقد سد أفق السماء علي‏.‏ فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر السورة، سجد‏.‏

رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه إسحاق بن أبي فروة وهو متروك‏.‏

13872- وعن ابن عباس قال‏:‏ إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر، فتعاقدوا باللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى وإساف ونائلة، لو قد رأينا محمداً لقد قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقه حتى نقتله، فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله عنها تبكي، حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ هذا الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك لقد قاموا إليك فيقتلوك، فما منهم رجل إلا وقد عرف نصيبه من دمك‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏يا بنية أريني وضوءاً‏"‏‏.‏ فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا‏:‏ هذا هو‏.‏ وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه رجل منهم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب فقال‏:‏ ‏"‏شاهت الوجوه‏"‏‏.‏ ثم حصبهم بها، فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر كافراً‏.‏

رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدمت أحاديث في المغازي في تبلغيه صلى الله عليه وسلم وصبره على ذلك‏.‏

 باب تأييده صلى الله عليه وسلم على أعدائه من الإنس والجن

13873- عن ابن عباس قال‏:‏ قال أبو جهل‏:‏ لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه‏.‏ قال‏:‏ فقال‏:‏ لو فعل، لأخذته الملائكة عياناً، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً‏.‏

قلت‏:‏ في الصحيح طرف من أوله‏.‏

رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح‏.‏

13874- وعن ابن عباس قال‏:‏ مر أبو جهل فقال‏:‏ ألم أنهك‏؟‏ فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ لم تنتهرني

يا محمد‏؟‏ فوالله لقد علمت ما بها رجل أكثر نادياً مني‏.‏ قال‏:‏ فقال جبريل عليه السلام‏:‏ فليدع ناديه‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ فوالله لو دعا ناديه، لأخذته الزبانية بالعذاب‏.‏

قلت‏:‏ في الصحيح بعضه‏.‏

رواه أحمد، من طريق ذكوان عن عكرمة ولم أعرف ذكوان، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

13875- وعن طلحة بن عبيد الله قال‏:‏ كان نفر من المشركين حول الكعبة فيهم أبو جهل لعنه الله، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف عليهم فقال‏:‏ ‏"‏قبحت الوجوه‏"‏‏.‏ فخرسوا، فما أحد منهم تكلم

بكلمة، ولقد نظرت إلى أبي جهل يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ أمسك عنا‏.‏ ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا أمسك عنكم، أو أقتلكم‏"‏‏.‏ فقال أبو جهل لعنه الله‏:‏ أنت تقدر على ذلك‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الله يقتلكم‏"‏‏.‏

رواه البزار، عن شيخه علي بن شبيب ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

13876- وعن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏إن الشيطان عرض لي، فجعل يلقي علي شر النار، فلولا دعوة أخي سليمان لأخذته‏"‏‏.‏

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح‏.‏

13877- وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏دخلت البيت فإذا شيطان خلف الباب، فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي، فلولا دعوة العبد الصالح، لأصبح مربوطاً يراه الناس‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وإسناده حسن‏.‏

13878- وعن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ساجداً بمكة، فجاء إبليس أن يطأ على عنقه فنفخه جبريل عليه السلام نفخة بجناحه، فما استوت قدماه على الأرض حتى بلغ الأردن‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عثمان بن مطر وهو ضعيف‏.‏

 باب ما كان يدعى به صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

13879- عن مجاهد عن مولاه أنه حدثه أنه كان فيمن يبني الكعبة في الجاهلية، فذكر اختلافهم في وضع الحجر الأسود، قال‏:‏ اجعلوا بينكم حكماً‏.‏ قالوا‏:‏ أول رجل يطلع من الفج‏.‏ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ أتاكم الأمين‏.‏

فذكر الحديث، وقد تقدم في الحج في شأن الكعبة، ورجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقة‏.‏

13880- وعن علي بن أبي طالب في بناء الكعبة قال‏:‏ لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم قد دخل قالوا‏:‏ قد جاء الأمين‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير حفص بن عمر الضرير وخالد بن عرعرة وكلاهما ثقة‏.‏

 باب

13881- عن عبد الرحمن بن عوف قال‏:‏ مر بنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نجتني ثمر الأراك فقال‏:‏ ‏"‏عليكم بالأسود منه فإني كنت أجتنيه وأنا أرعى الغنم‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ رعيت يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم، ما من نبي إلا وقد رعاها‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه‏.‏

13883- وعن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏بُعث موسى صلى الله عليه وسلم وهو يرعى غنماً على أهله وبُعثت وأنا أرعى غنماً لأهلي بجياد‏"‏‏.‏

 بابان في بشارة الكتب السابقة

 باب ما كان عند أهل الكتاب من أمر نبوته صلى الله عليه وسلم

13883- عن سلمة بن سلامة بن وقش - وكان من أصحاب بدر - قال‏:‏ كان لنا جار من اليهود في بني عبد الأشهل‏.‏

‏[‏قال‏:‏ فخرج علينا يوماً من بيته قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بيسير فوقف على مجلس عبد الأشهل‏]‏‏.‏ قال سلمة‏:‏ وأنا يومئذ أحدث من فيه سناً، عليَّ بردة مضطجع فيها بفناء أهلي، فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار فقال ذلك لقوم أهل أوثان أصحاب شرك لا يرون أن بعثاً كائناً بعد الموت‏.‏ فقالوا له‏:‏ ويحك يا فلان، ترى هذا كائناً أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم‏؟‏ قال‏:‏ نعم، والذي يحلف به، ودّ أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدار يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطينونه عليه وإنه ينجو من تلك النار غداً‏.‏ قال‏:‏ ويحك وما آية ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نبي يبعث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا‏:‏ ومتى نراه‏؟‏ فنظر إلي وأنا من أحدثهم سناً فقال‏:‏ إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه‏.‏ قال سلمة‏:‏ فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا، فآمنا به وكفر به بغياً وحسداً، فقلنا له‏:‏ ويلك يا فلان، أليس قلت لنا فيه ما قلت‏؟‏ قال‏:‏ بلى وليس به‏.‏

رواه أحمد والطبراني‏.‏

13884- وفي رواية عنده عن أم سلمة أيضاً‏:‏ أن يهودياً كان في بني عبد الأشهل فقال لنا ونحن في المجلس‏:‏ قد أطل هذا النبي القرشي الحرمي‏.‏ ثم التفت في المجلس فقال‏:‏ إن يدركه أحد يدركه هذا الفتى، وأشار إلي، فقضى الله أن جاء

بالنبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فقلت‏:‏ هذا النبي قد جاء‏.‏ فقال‏:‏ أما والله إنه لأنه‏.‏ فقلت‏:‏ ما لك عن الإسلام‏؟‏ فقال‏:‏ والله لا أدع اليهودية‏.‏

ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع‏.‏

13885- وعن العباس بن عبد المطلب قال‏:‏ قال عبد المطلب‏:‏ خرجت إلى اليمن في إحدى رحلتي الإيلاف، فنزلت على رجل من اليهود فرآني رجل من أهل الديور فنسبني فانتسبت له، فقال‏:‏ أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك‏؟‏ قلت‏:‏ نعم، ما لم يكن عورة‏.‏ ففتح إحدى منخري فنظر، ثم نظر في الآخر، قال‏:‏ أشهد أن في إحدى يديك ملكاً وفي الأخرى نبوة، وإنا لنجد ذلك في بني زهرة فكيف ذلك‏؟‏ قلت‏:‏ لا أدري‏.‏ قال‏:‏ هل لك من ساعة‏؟‏ قلت‏:‏ وما الساعة‏؟‏ قال‏:‏ زوجة‏.‏ قلت‏:‏ أما اليوم فلا‏.‏ قال‏:‏ فإذا رجعت فتزوج في بني زهرة‏.‏ فرجع عبد المطلب فتزوج هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة فولدت له حمزة، وزوج ابنه آمنة بنت وهب، فقالت قريش‏:‏ نبح عبد الله على أبيه‏.‏ فولدت له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حمزة رضي الله عنه أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما لونيه مولاة أبي لهب وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

رواه الطبراني، وفيه عبد العزيز بن عمران وهو متروك‏.‏

13886- وعن ابن مسعود قال‏:‏ إن الله عز وجل بعث نبيه صلى الله عليه وسلم لإدخال رجل الجنة، فدخل الكنيسة فإذا هو بيهود وإذا بيهودي يقرأ عليهم التوراة، فلما أتوا على صفة النبي صلى الله عليه وسلم أمسكوا، وفي ناحيتها رجل مريض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما لكم أمسكتم‏؟‏‏"‏‏.‏ قال المريض‏:‏ إنهم أتوا

على صفة نبي فأمسكوا‏.‏ ثم جاء اليهودي يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأمته فقال‏:‏ هذه صفتك وصفة أمتك، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله‏.‏ ثم مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لُوا أخاكم‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط‏.‏

13887- وعن أبي سفيان بن حرب أن أمية بن أبي الصلت كان معه بغزة - أو قال‏:‏ بإيلياء - فلما قفلنا قال‏:‏ يا أبا سفيان هل لك أن تتقدم عن الرفقة فنتحدث‏؟‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ ففعلنا‏.‏ قال‏:‏ يا أبا سفيان أيهن عن عتبة بن ربيعة‏؟‏ قلت‏:‏ إنهن عن عتبة بن ربيعة‏.‏ قال‏:‏ كريم الطرفين ويجتنب المظالم والمحارم‏؟‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ وشريف مسن‏.‏ قال‏:‏ السن والشرف أزريا به‏.‏ فقلت له‏:‏ كذبت، ما ازداد سناً إلا ازداد شرفاً‏.‏ قال‏:‏ يا أبا سفيان، إنها لكلمة ما سمعتها من أحد يقولها لي منذ تنصرت لا تعجل علي حتى أخبرك‏.‏ قلت‏:‏ هات‏.‏ قال‏:‏ إني كنت أجد في كتبي نبياً يبعث من حرمنا، فكنت أظن، بل كنت لا أشك أني هو، فلما دارست أهل العلم إذا هو من بني عبد مناف، فنظرت في بني عبد مناف فلم أجد أحداً يصلح لهذا الأمر غير عتبة بن ربيعة، فلما أخبرني بنسبه عرفت أنه ليس به حين جاوز الأربعين ولم يوح إليه‏.‏ قال أبو سفيان‏:‏ فضرب الدهر ضرباته وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت في ركب من قريش أريد اليمن في تجارة فمررت بأمية بن أبي الصلت فقلت له كالمستهزئ به‏:‏ يا أمية، قد خرج النبي الذي كنت تنتظر‏.‏ قال‏:‏ أما إنه حق فاتبعه‏.‏ قلت‏:‏ ما يمنعك من اتباعه‏؟‏ قال‏:‏ الاستحياء من نسيات ثقيف، إني كنت أحدثهم أني هو ثم يروني تابعاً لغلام من بني عبد مناف‏.‏ ثم قال أمية‏:‏ كأني بك يا أبا سفيان إن خالفته قد ربطت كما يربط الجدي، حتى يؤتى بك إليه فيحكم فيك ما يريد‏.‏

رواه الطبراني، وفيه مجاشع بن عمرو وهو ضعيف‏.‏

13888- وعن خليفة بن عبدة بن جرول قال‏:‏ سألت محمد بن عدي بن ربيعة

بن سواءة بن جشم‏:‏ كيف سماك أبوك في الجاهلية محمداً‏؟‏ قال‏:‏ أما إني سألت أبي عما سألتني عنه فقال‏:‏ خرجت رابع أربعة من بني تميم، أنا أحدهم، وسفيان بن مجاشع بن دارم، وأسامة بن مالك بن جندب بن العنبر، ويزيد بن ربيعة بن كامن بن حرقوص بن مازن، نريد بن جفنة ملك حسان بالشام، فلما قدمنا الشام نزلنا على غدير عليها شجيرات لديراني - يعني صاحب صومعة - فقلنا‏:‏ لو اغتسلنا من هذا الماء وادهنا ولبسنا ثيابنا ثم أتينا صاحبنا‏.‏ فأشرف علينا الديراني فقال‏:‏ إن هذه لغة ما هي لغة أهل البلد‏.‏ فقلنا‏:‏ نعم، نحن قوم من مضر‏.‏ قال‏:‏ من أي مضر‏؟‏ قلنا‏:‏ من خندف‏.‏ قال‏:‏ أما إنه سيبعث منكم وشيكاً نبي فسارعوا وجدوا بحظكم منه ترشدوا، فإنه خاتم النبيين‏.‏ فقلنا‏:‏ ما اسمه‏؟‏ قال‏:‏ محمد‏.‏ فلما انصرفنا من عند ابن جفنة ولد لكل واحد منا غلام، فسماه محمد، قال العلاء‏:‏ قال قيس بن عاصم للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ تدري ‏[‏من أول‏]‏ من علم بك من العرب قبل أن تبعث‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ بنو تميم‏.‏ وقص عليه هذه القصة‏.‏

رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم‏.‏

13889- وعن جبير بن المطعم قال‏:‏ كنت أكره أذى قريش للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما ظننت أنهم سيقتلوه خرجت حتى لحقت بدير من الديارات، فذهب أهل الدير إلى رأسهم فأخبروه، فقال‏:‏ أقيموا له حقه الذي ينبغي له ثلاثاً فلما رأوه لم يذهب فانطلقوا إلى صاحبهم فأخبروه، فقال‏:‏ قولوا له‏:‏ قد أقمنا لك بحقك الذي ينبغي لك، فإن كنت وصباً فقد ذهب وصبك، وإن كنت واصلاً فقد أنى لك أن تذهب إلى من تصل، وإن كنت تاجراً

فقد أنى لك أن تخرج إلى تجارتك، فقال‏:‏ ما كنت واصلاً ولا تاجراً وما أنا بنصب‏.‏ فذهبوا إليه فأخبروه فقال‏:‏ إن له لشأناً فاسئلوه‏.‏ قال‏:‏ فأتوه فسألوه فقال‏:‏ لا والله، إلا أن في قرية إبراهيم ابن عمي يزعم أنه نبي، فآذاه قومه ‏[‏وتخوفت أن يقتلوه‏]‏ فخرجت لئلا أشهد ذلك‏.‏ فذهبوا إلى صاحبهم فأخبروه قولي قال‏:‏ هلموا‏.‏ فأتيته فقصصت عليه قصصي، قال‏:‏ تخاف أن يقتلوه‏؟‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ وتعرف شبهه لو تراه مصوراً‏؟‏ قلت‏:‏ عهدي به منذ قريب‏.‏ فأراه صوراً مغطاة يكشف صورة صورة، ثم يقول‏:‏ أتعرف‏؟‏ فأقول‏:‏ لا‏.‏ حتى كشف صورة مغطاة، فقلت‏:‏ ما رأيت شيئاً أشبه بشيء من هذه الصورة به كأنه طوله وجسمه وبعد ما بين منكبيه، قال‏:‏ فتخاف أن يقتلوه‏؟‏ قلت‏:‏ أظنهم قد فرغوا منه‏.‏ قال‏:‏ والله لا يقتلوه وليقتلن من يريد قتله، وإنه لنبي وليظهرنه الله، ولكن قد وجب حقك علينا، فامكث ما بدا لك وادع بما شئت‏.‏ قال‏:‏ فمكثت عندهم ‏[‏حيناً‏]‏ ثم قلت‏:‏ لو أطعتهم‏.‏ فقدمت مكة فوجدتهم قد أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فلما قدمت قامت آل قريش فقالوا‏:‏ قد تبين لنا أمرك فعرفنا شأنك، فهلم أموال الصبية التي عندك التي استودعكها أبوك‏.‏ فقلت‏:‏ ما كنت لأفعل هذا حتى تفرقوا بين رأسي وجسدي، ولكن دعوني أذهب فأدفعها إليهم‏.‏ فقالوا‏:‏ إن عليك عهد الله وميثاقه أن لا تأكل من طعامه‏.‏ قال‏:‏ فقدمت المدينة وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فدخلت عليه فقال لي فيما يقول‏:‏ ‏"‏إني لأراك جائعاً، هلموا طعاماً‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ إني لا آكل حتى أخبرك، فإن رأيت أن آكل أكلت‏.‏ قال‏:‏ فحدثته بما أخذوا علي، قال‏:‏ ‏"‏فأوف بعهد الله وميثاقه أن لا تأكل من طعامنا ولا تشرب من شرابنا‏"‏‏.‏

رواه الطبراني، عن شيخه مقدام بن داود، ضعفه النسائي، وقال ابن دقيق العيد في الإمام‏:‏ إنه وثق وهو حديث حسن‏.‏

13890- وعن جبير بن مطعم قال‏:‏ خرجت تاجراً إلى الشام في الجاهلية، فلما كنت بأدنى الشام لقيني رجل من أهل الكتاب فقال‏:‏ هل عندكم رجل نبئ‏؟‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ هل تعرف صورته إذا رأيتها‏؟‏ قلت‏:‏ نعم، فأدخلني بيتاً فيه ‏[‏صور فلم أر‏]‏ صورة النبي صلى الله عليه وسلم فبينا أنا كذلك إذ دخل رجل منهم علينا فقال‏:‏ فيم أنتم‏؟‏ فأخبرناه فذهب بنا إلى منزله، فساعة ما دخلت نظرت إلى صورة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رجل آخذ بعقب النبي صلى الله عليه وسلم، قلت‏:‏ من هذا الرجل القائم على عقبه‏؟‏ قال‏:‏ إنه لم يكن نبي إلا كان بعده نبي، إلا هذا، فإنه لا نبي بعده وهذا الخليفة بعده‏.‏ وإذا صفة أبي بكر رضي الله عنه‏.‏

رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه من لم أعرفهم‏.‏

13891- وعن أبي صخر العقيلي قال‏:‏ حدثني رجل من الأعراب قال‏:‏ جلبت حلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغت من بيعتي قلت‏:‏ لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه‏.‏ قال‏:‏ فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشون فتبعتهم في أقفائهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرأها، يعزي بها نفسه، على ابن له كأحسن الفتيان في الموت ‏[‏وأجمله‏]‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أنشدك بالذي أنزل التوراة، هل تجدني في كتابك ‏[‏ذا‏]‏ صفتي ومخرجي‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏ فقال برأسه هكذا، أي‏:‏ لا‏.‏ فقال ابنه‏:‏ إني والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏أقيموا اليهودي عن أخيكم‏"‏‏.‏ ثم وُلي كفنه وحنطه والصلاة عليه‏.‏

رواه أحمد، وأبو صخر لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

13892- وعن المسور قال‏:‏ مر بي يهودي وأنا قائم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ، قال‏:‏ فقال‏:‏ ارفع، أو اكشف ثوبه عن ظهره‏.‏ قال‏:‏ فذهبت أرفعه عن ظهره، قال‏:‏ فنضح النبي صلى الله عليه وسلم في وجهي من الماء‏.‏

رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات‏.‏

13893- وعن جابر بن سمرة قال‏:‏ جاء جرمقاني إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أين صاحبكم هذا الذي يزعم أنه نبي‏؟‏ لئن سألته لأعلمن نبي هو أو غير نبي‏.‏ قال‏:‏ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الجرمقاني‏:‏ اقرأ علي أو قص علي‏.‏ قال‏:‏ فتلا عليه آيات من كتاب الله عز وجل، فقال الجرمقاني‏:‏ هذا والله الذي جاء به موسى‏.‏

رواه عبد الله وقال‏:‏ منكر‏.‏ قلت‏:‏ ما فيه غير أيوب بن جابر، وثقه أحمد وغيره وضعفه ابن معين وغيره‏.‏

13894- وعن سعيد بن أبي راشد قال‏:‏ رأيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحمص وكان جاراً لي، شيخاً كبيراً قد بلغ الفند أو قرب، فقلت‏:‏ ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل‏؟‏ قال‏:‏ بلى، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك وبعث دحية الكلبي إلى هرقل، فلما أن جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها، ثم أغلق عليه وعليهم الدار‏.‏ قال‏:‏ نزل هذا الرجل حيث رأيتم، وقد أرسل إلي يدعوني إلى ثلاث خصال‏:‏ يدعوني أن أتبعه على دينه، أو أن نعطيه ما لنا على أرضنا والأرض أرضنا، أو نلقي

إليه الحرب، والله لقد عرفتم فيما تقرؤون من الكتب لتأخذن ما تحت قدمي، فهلم نتبعه على دينه أو نعطيه ما لنا على أرضنا، فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا‏:‏ تدعونا إلى أن نذر النصرانية أو نكون عبيداً لأعرابي جاء من الحجاز‏؟‏ فلما ظن أنهم إن خرجوا ‏[‏من عنده‏]‏ أفسدوا عليه رفاقهم وملكه قال‏:‏ إنما قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم‏.‏ ثم دعا رجلاً من عرب تجيب كان على نصارى العرب، قال‏:‏ ادع لي رجلاً حافظاً للحديث عربي اللسان، أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه‏.‏ فجاءني، فدفع إلي هرقل كتاباً فقال‏:‏ اذهب بكتابي إلى هذا الرجل، فما ضيعت من حديثه فاحفظ منه ثلاث خصال‏:‏ انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشيء‏؟‏ وانظر إذا قرأ كتابي هل يذكر الليل‏؟‏ وانظر في ظهره هل به شيء يريبك‏؟‏ فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك، فإذا هو جالس بين أصحابه محتبياً على الماء، فقلت‏:‏ أين صاحبكم‏؟‏ قيل‏:‏ ها هو ذا‏.‏ فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه، فناولته كتابي فوضعه في حجره ثم قال‏:‏ ‏"‏ممن أنت‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ أنا أحد تنوخ‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏هل لك في الحنيفية ملة أبيكم إبراهيم‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ إني رسول قوم، وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم‏.‏ ‏[‏فضحك و‏]‏ قال‏:‏ ‏"‏‏{‏إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين‏}‏ يا أخا تنوخ، إني كتبت بكتاب ‏[‏إلى كسرى فمزقه والله ممزقه وممزق ملكه‏.‏ وكتبت‏]‏ إلى النجاشي فخرقها، والله مخرقه ومخرق ملكه، وكتبت إلى صاحبكم بصحيفة فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه بأساً ما دام في العيش خير‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ هذه إحدى الثلاث التي أوصاني بها ‏[‏صاحبي‏]‏‏.‏ وأخذت سهماً من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي، ثم أنه ناول الصحيفة رجلاً عن يساره، فقلت‏:‏ من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم‏؟‏ قالوا‏:‏ معاوية‏.‏ فإذا في كتاب صاحبي‏:‏ يدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فأين

النار‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏سبحان الله، فأين الليل إذا جاء النهار‏؟‏‏"‏‏.‏ فأخذت سهماً من جعبتي فكتبته في جلد سيفي، فلما فرغ من قراءة كتابي قال‏:‏ إن لك حقاً وإنك رسول فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها، إنا سفر مزملون‏.‏ قال‏:‏ فناداه رجل من طائفة الناس‏:‏ أنا أجوزه‏.‏ ففتح رحله فإذا هو يأتي بحلة صفورية، فوضعها في حجري، فقلت‏:‏ من صاحب الحلة‏؟‏ قيل‏:‏ عثمان‏.‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من ينزل هذا الرجل‏؟‏‏"‏‏.‏ فقال فتى من الأنصار‏:‏ أنا‏.‏ فقام الأنصاري وقمت معه، فلما خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏يا أخا تنوخ‏"‏‏.‏ فأقبلت أهوي ‏[‏إليه‏]‏ حتى كنت قائماً في مجلسي الذي كنت فيه بين يديه، فحل حبوته عن ظهره فقال‏:‏ ‏"‏ههنا، امض لما أمرت به‏"‏‏.‏ فجلت في ظهره، فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل الحجمة الضخمة‏.‏

رواه عبد الله بن أحمد، وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى ثقات، ورجال عبد الله بن أحمد كذلك‏.‏

13895- وعن دحية الكلبي أنه قال‏:‏ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى قيصر، فقدمت عليه فأعطيته الكتاب وعنده ابن أخ له أحمر أزرق سبط الرأس، فلما قرأ الكتاب كان فيه‏:‏ ‏"‏من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل صاحب الروم‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فنخر ابن أخيه نخرة وقال‏:‏ لا يقرأ هذا اليوم‏.‏ فقال له قيصر‏:‏ لم‏؟‏ قال‏:‏ إنه بدأ بنفسه وكتب‏:‏ ‏"‏صاحب الروم‏"‏، ولم يكتب‏:‏ ملك الروم‏.‏ فقال قيصر‏:‏ لتقرأنه‏.‏ فلما قرأ الكتاب وخرجوا من عنده، أدخلني عليه وأرسل إلى الأسقف، وهو صاحب أمرهم، فأخبروه وأخبره وأقرأه الكتاب، فقال له الأسقف‏:‏ هذا الذي كنا ننتظر وبشرنا به عيسى‏.‏ قال له قيصر‏:‏ كيف تأمرني‏؟‏ قال له الأسقف‏:‏ أما أنا فمصدقه ومتبعه‏.‏ فقال له قيصر‏:‏ أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي‏.‏

ثم خرجنا من عنده، فأرسل قيصر إلى أبي سفيان وهو يومئذ عنده، قال‏:‏ حدثني عن هذا الذي خرج بأرضكم، ما هو‏؟‏ قال‏:‏ شاب‏.‏ قال‏:‏ فكيف حسبه فيكم‏؟‏ قال‏:‏ هو في حسب ما لا يفضل عليه أحد‏.‏ قال‏:‏ هذه آية النبوة‏.‏ قال‏:‏ كيف صدقه‏؟‏ قال‏:‏ ما كذب قط‏.‏ قال‏:‏ هذه آية النبوة‏.‏ قال‏:‏ أرأيت من خرج من أصحابكم إليه، هل يرجع إليكم‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ هذه آية النبوة‏.‏ قال‏:‏ أرأيت من خرج من أصحابه إليكم يرجعون إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏/ هذه آية النبوة‏.‏ قال‏:‏ هل ينكب أحياناً إذا قاتل هو في أصحابه‏؟‏ قال‏:‏ قد قاتله قوم فهزمهم وهزموه‏.‏ قال‏:‏ هذه آية النبوة‏.‏ قال‏:‏ ثم دعاني فقال‏:‏ أبلغ صاحبك أني أعلم أنه نبي، ولكن لا أترك ملكي‏.‏ قال‏:‏ وأما الأسقف فإنه كانوا يجتمعون إليه في كل أحد فيخرج إليهم ويحدثهم ويذكرهم، فلما كان يوم الأحد لم يخرج إليهم وقعد إلى يوم الأحد الآخر، فكنت أدخل إليه فيكلمني ويسألني فلما جاء الأحد الآخر انتظروه ليخرج إليهم فلم يخرج إليهم، واعتل عليهم بالمرض، وفعل ذلك مراراً، وبعثوا إليه‏:‏ لتخرجن إلينا أو لندخلن عليك فنقتلك، فإنا قد أنكرناك منذ قدم هذا العربي‏.‏ فقال الأسقف‏:‏ خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك، فاقرأ عليه السلام وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأني قد آمنت به وصدقته واتبعته وأنهم قد أنكروا علي ذلك، فبلغه ما ترى‏.‏ ثم خرج إليهم فقتلوه، ثم خرج دحية إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده رسل عمال كسرى على صنعاء، بعثهم إليه وكتب إلى صاحب صنعاء يتوعده يقول‏:‏ لتكفيني رجلاً خرج بأرضك يدعوني إلى دينه أو أؤدي الجزية، أو لأقتلنك - أو قال‏:‏ لأفعلن بك - فبعث صاحب صنعاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر

رجلاً، فوجدهم دحية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قرأ كتاب صاحبهم تركهم خمس عشرة ليلة فلما مضت خمس عشرة ليلة تعرضوا له، فلما رآهم دعاهم فقال‏:‏ ‏"‏اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا له‏:‏ إن ربي قتل ربه الليلة‏"‏‏.‏ فانطلقوا فأخبره بالذي صنع فقال‏:‏ أحصوا هذه الليلة‏.‏ قال‏:‏ أخبروني كيف رأيتموه‏؟‏ قالوا‏:‏ ما رأينا ملكا أهيأ منه، يمشي فيهم لا يخاف شيئاً، مبتذلاً لا يحرس، ولا يرفعون أصواتهم عنده‏.‏ قال دحية‏:‏ ثم جاء الخبر أن كسرى قتل تلك الليلة‏.‏

رواه البزار، وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى وهو ضعيف‏.‏

13896- وعن علقمة بن وقاص قال‏:‏ قال عمرو بن العاص‏:‏ أخرج جيش من المسلمين أنا أميرهم، حتى نزلنا الإسكندرية فقال عظيم من عظمائهم‏:‏ أخرجوا إلي رجلاً أكلمه ويكلمني‏.‏ فقلت‏:‏ لا يخرج إليه غيري‏.‏ فخرجت مع ترجمانه حتى وضع لنا منبران، فقال‏:‏ ما أنتم‏؟‏ فقلنا‏:‏ نحن العرب، ونحن أهل الشوك والقرظ، ونحن أهل بيت الله، كنا أضيق الناس أرضاً وأشده عيشاً، نأكل الميتة والدم، ويغير بعضنا على بعض بشرِّ عيش عاش به الناس، حتى خرج فينا رجل ليس بأعظمنا يومئذ شرفاً ولا بأكثرنا مالاً، قال‏:‏ أنا رسول الله إليكم‏.‏ يأمرنا بأشياء لا نعرف وينهانا عما كنا عليه وكان عليه آباؤنا فشنفنا له وكذبناه ورددنا عليه مقالته، حتى خرج إليه قوم من غيرنا فقالوا‏:‏ نحن نصدقك ونؤمن بك ونتبعك ونقاتل من قاتلك‏.‏ فخرج إليهم وخرجنا إليه فقاتلناه، فظهر علينا وغلبنا، وتناول من يليه من العرب فقاتلهم حتى ظهر عليهم، فلو

يعلم من ورائي من العرب ما أنتم فيه من العيش لم يبق أحد إلا جاءكم حتى يشرككم فيما أنتم فيه من العيش‏.‏ فضحك ثم قال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صدق، قد جاءتنا رسلنا بمثل الذي جاء به رسولكم، فكنا عليه حتى ظهرت فينا فتيان فجعلوا يعملون فينا بأهوائهم ويتركون أمر الأنبياء، فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم لم يقاتلكم أحد إلا غلبتموه، ولم يشارركم أحد إلا ظهرتم عليه، فإذا فعلتم مثل الذي فعلنا وتركتم أمر نبيكم وعملتم مثل الذي عملوا بأهوائهم فهم لم يكونوا أكثر عدداً منا ولا أشد قوة منا‏.‏ فقال عمرو بن العاص‏:‏ فما كلمت رجلاً أنكر منه‏.‏

رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير عمرو بن علقمة وهو ثقة‏.‏

13897- وعن كرز بن علقمة قال‏:‏ قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران، منهم أربعة وعشرون من أشرافهم، والأربعة والعشرون منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم، العاقب‏:‏ أمير للقوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره، واسمه عبد المسيح، والسيد‏:‏ عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارستهم، وكان أبو حارثة قد شرف فيهم حتى حسن علمه في دينهم، وكانت ملوك النصرانية قد شرفوه وقبلوه وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم من اجتهاده في دينهم، فلما وجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران، جلس أبو حارثة على بغلة له موجهاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى جنبه أخ له يقال له‏:‏ كرز بن علقمة يسائله إذ عثرت بغلة أبي حارثة فقال كرز‏:‏ تعس الأبعد‏.‏ يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ بل أنت تعست‏.‏ قال‏:‏ ولم يا أخ‏؟‏ قال‏:‏ والله إنه النبي الذي كنا ننتظر‏.‏ قال له كرز‏:‏ ما يمنعك وأنت تعلم

هذا‏؟‏ قال‏:‏ ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا وأكرمونا وقد أبوا إلا خلافه، ولو قد فعلت نزعوا منا كل ما ترى‏.‏ وأضمر عليها أخوه كرز بن علقمة، يعني‏:‏ أسلم بعد ذلك‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه بريدة بن سفيان وهو ضعيف‏.‏

13898- وعن عبد الله بن سلام قال‏:‏ إن الله عز وجل لما أراد هدي زيد بن سعنة، قال زيد بن سعنة‏:‏ ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه‏:‏ يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً ‏[‏فكنت ألطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه كمن جهله‏]‏‏.‏ قال زيد بن سعنة‏:‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأتاه رجل على راحلة كالبدوي فقال‏:‏ يا رسول الله، لي نفر في قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغداً، وقد أصابتهم سنة وشدة وقحط من الغيث، فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعاً كما دخلوا فيه طمعاً، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تغيثهم به فعلت‏.‏ فنظر إلى رجل إلى جانبه

أراه علياً - فقال‏:‏ يا رسول الله، ما بقي منه شيء‏.‏ قال زيد بن سعنة‏:‏ فدنوت إليه فقلت‏:‏ يا محمد، هل لك أن تبيعني تمراً معلوماً في حائط بني فلان إلى أجل معلوم، إلى أجل كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا يا يهودي ولكن أبيعك تمراً معلوماً إلى أجل معلوم إلى كذا وكذا ولا تسمي حائط بني فلان‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ فبايعني، فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، فأعطا الرجل

وقال‏:‏ ‏"‏اغد عليهم وأغثهم بها‏"‏‏.‏ قال زيد بن سعنة‏:‏ فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاث، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان في نفر من أصحابه، فلما صلى على الجنازة ودنا إلى الجدار ليجلس إليه أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ، قلت له‏:‏ يا محمد، ألا تقضيني حقي‏؟‏ فوالله ما علمتم بني عبد المطلب لمطل، ولقد كان بمخالطتكم علم‏.‏ ونظرت إلى عمر وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره فقال‏:‏ يا عدو الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتصنع به ما أرى‏؟‏ فوالذي نفسي بيده، لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلي في سكون وتؤدة، فقال‏:‏

‏"‏يا عمر، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن اتباعه، اذهب به يا عمر فأعطه حقه وزده عشرين صاعاً من تمر مكان ما رعته‏"‏‏.‏

قال زيد‏:‏ فذهب بي عمر فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعاً من تمر، فقلت‏:‏ ما هذه الزيادة يا عمر‏؟‏ قال‏:‏ أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك‏.‏ قال‏:‏ وتعرفني يا عمر‏؟‏ قال‏:‏ لا ‏[‏من أنت‏؟‏‏]‏ قلت‏:‏ أنا زيد بن سعنة‏.‏ قال‏:‏ الحبر‏؟‏ قلت‏:‏ الحبر‏.‏ قال‏:‏ فما دعاك إلى أن فعلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلت، وقلت له ما قلت‏؟‏ قلت‏:‏ يا عمر، لم يكن من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه‏:‏ يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، وقد اختبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، وأشهدك أن شطر مالي - فإني أكثرها مالاً - صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال عمر‏:‏ أو على بعضهم، فإنك لا تسعهم‏؟‏ قلت‏:‏ أو

على بعضهم‏.‏ فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال زيد‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‏.‏ وآمن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة، ثم توفي في غزوة تبوك مقبلاً غير مدبر، رحم الله زيداً‏.‏

قلت‏:‏ روى ابن ماجة منه طرفاً‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏

13899- وعن سلمان قال‏:‏ كنت من أبناء أساورة فارس، قال‏:‏ فذكر الحديث‏.‏ فانطلقت ترفعني أرض وتخفضني أخرى حتى مررت على قوم ‏[‏من الأعراب‏]‏ فاستعبدوني فباعوني، حتى اشترتني امرأة، فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم وكان العيش عزيزاً فقلت لها‏:‏ هبي لي يوماً‏.‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ فانطلقت فاحتطبت حطباً فبعته فصنعت طعاماً، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا‏؟‏‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ صدقة‏.‏ فقال لأصحابه‏:‏ ‏"‏كلوا‏"‏‏.‏ ولم يأكل، فقلت‏:‏ هذه من علاماته‏.‏ ثم مكثت ما شاء الله أن أمكث، فقلت لمولاتي‏:‏ هبي لي يوماً‏.‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏ فانطلقت فاحتطبت حطباً فبعته بأكثر من ذلك، فصنعت طعاماً فأتيته به وهو جالس بين أصحابه، فوضعته بين يديه فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا‏؟‏‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ هدية‏.‏ فوضع يده وقال لأصحابه‏:‏ ‏"‏خذوا باسم الله‏"‏‏.‏ وقمت خلفه فوضع رداءه، فإذا خاتم النبوة، فقلت‏:‏ أشهد أنك رسول الله‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏وما ذاك‏؟‏‏"‏‏.‏ فحدثته عن الرجل، فقلت له‏:‏ أيدخل الجنة يا رسول الله فإنه حدثني أنك نبي‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة‏"‏‏.‏

رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات‏.‏

13900- وعن سلمان أيضاً قال‏:‏ خرجت أبتغي الدين، فوقعت في الرهبان بقايا أهل الكتاب، قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏يعرفونه كما يعرفون أبناءهم‏}‏ فكانوا يقولون‏:‏ هذا زمان نبي قد أطل، يخرج من أرض العرب، له علامات، من ذلك‏:‏ شامة مدورة بين كتفيه خاتم النبوة‏.‏ فلحقت بأرض العرب وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت ما قالوا كله ورأيت الخاتم فشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله‏.‏ فذكر الحديث‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏ قلت‏:‏ وتأتي بقية أحاديث سلمان في مناقبه‏.‏

 باب منه

13901- عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال‏:‏ مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه قال‏:‏ فقالت قريش‏:‏ يا يهودي، إن هذا يزعم أنه نبي‏؟‏ قال‏:‏ لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي‏.‏ قال‏:‏ فجاء حتى جلس ثم قال‏:‏ يا محمد، مم يخلق الإنسان‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏يا يهودي، من كل يخلق، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة، فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب، وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم‏"‏‏.‏ فقام اليهودي فقال‏:‏ هكذا كان يقول من قبلك‏.‏

رواه أحمد، والطبراني، والبزار بإسنادين وفي أحد إسناديه عامر بن مدرك، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات‏.‏ وفي إسناد الجماعة عطاء بن السائب وقد اختلط‏.‏

13902- وعن ابن عباس قال‏:‏

أقبلت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا أبا القاسم، إنا نسألك عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك‏.‏ فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا‏:‏ ‏{‏الله على ما نقول وكيل‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏هاتوا‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ خبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏يلتقي الماآن، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏كان يشتكي عرق النسا، فلم يجد شيئاً يلائمه إلا ألبان كذا وكذا - قال بعضهم‏:‏ يعني الإبل - فحرم لحومها‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏

قالوا‏:‏ أخبرنا ما هذا الرعد‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب، بيده، أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله عز وجل‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ فما هذا الصوت الذي نسمع‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏صوته‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت إنما بقيت واحدة، إنما نبايعك إن أخبرتنا ‏[‏بها‏]‏ فأنه ليس من نبي إلا له من يأتيه بالخبر، فأخبرنا عن صاحبك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏جبريل عليه السلام‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ جبريل ذلك الذي ينزل بالعذاب والحرب والقتال وهو عدونا، لو قلت‏:‏ ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان‏.‏ فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏{‏قل من كان عدواً لجبريل‏}‏ الآية‏.‏

13903- وفي رواية‏:‏ كلما أخبرهم بشيء فصدقوه قال‏:‏ ‏"‏اللهم اشهد‏"‏‏.‏ وقال فيها‏:‏ ‏"‏أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه‏؟‏‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ اللهم نعم‏.‏ وقال أيضاً‏:‏ ‏"‏فإن وليي جبريل ولم يبعث الله نبياً قط إلا وهو وليه‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ رواه الترمذي باختصار‏.‏

رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات‏.‏

13904- وعن الفلتان بن عاصم قال‏:‏ كنا قعوداً مع النبي صلى الله عليه وسلم فشخص بصره إلى رجل في المسجد فقال‏:‏ ‏"‏يا فلان‏"‏‏.‏ فقال‏:‏ لبيك يا رسول الله‏.‏ قال‏:‏ ولا ينازعه الكلام إلا قال‏:‏ يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتشهد أني رسول الله‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏أتقرأ التوراة‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ نعم، والإنجيل‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏والقرآن‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ والذي نفسي بيده لو أشاء لقرأته‏.‏ قال‏:‏ ثم ناشده‏:‏ ‏"‏هل تجدني في التوراة والإنجيل‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ أجد مثلك ومثل هيأتك ومثل مخرجك، وكنا نرجو أن يكون منا، فلما خرجت تحيرنا أن يكون أنت هو، فنظرنا فإذا ليس أنت هو‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ولم ذاك‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ إن معه من أمته سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومعك يسير‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فوالذي نفسي بيده، لأنا هو وإنهم لأمتي إنهم لأكثر من سبعين ألفاً وسبعين ألفاً‏"‏‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات من أحد الطريقين‏.‏

13905- وعن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، أن جده عبد الله بن سلام قال لأحبار اليهود‏:‏ إني أحدث بمسجد إبراهيم وإسماعيل عهداً‏.‏ فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فوافاه وقد انصرفوا من الحج فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى والناس حوله، فقمت مع الناس، فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏أنت عبد الله بن سلام‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ادن‏"‏‏.‏ فدنوت منه قال‏:‏ ‏"‏أنشدك بالله يا عبد الله بن

سلام أما تجدني في التوراة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ انعت ربنا‏.‏ فجاء جبريل حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏‏{‏قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد‏}‏‏"‏‏.‏ فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن سلام‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ثم انصرف ابن سلام إلى المدينة فكتم إسلامه، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وأنا فوق نخلة لي أجدّها ‏(‏أقطع ثمره‏)‏ فسمعت رجة فقلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ فقالوا‏:‏ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدم‏.‏ فألقيت نفسي من أعلى النخلة ثم خرجت أحضر حتى أتيته فسلمت عليه ثم رجعت، فقالت أمي‏:‏ لله أنت، لو كان موسى بن عمران عليه السلام ما كان بذلك تلقي نفسك من أعلى النخلة‏؟‏ فقلت‏:‏ والله لأنا أشد فرحاً بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من موسى إذ بعث‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات، إلا أن حمزة بن يوسف لم يدرك جده عبد الله بن سلام‏.‏